هل يشكّل الاتصال بالإنترنت خياراً بعد الآن؟
بقلم سوسن غانم، المؤسس الشريك، والمدير الإداري في شركة آكتيف للتسويق والتواصل الرقمي:
نحن نعيش ونعمل في عالم متصل بالإنترنت على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، حيث يتزايد معدل إنفاق الناس لوقتهم في يومهم على الإنترنت.
وفقًا لتقارير جلوبال ديجتال لعام 2018 التي صدرت مؤخرًا من هوتسويت آند وي أر سوشيال، فهناك 4 مليار مستخدماً إضافياً في جميع أنحاء العالم يستخدمون الإنترنت – وهذا يترجم إلى ما يقدر بنحو نصف سكان العالم أصبحوا متصلين بالإنترنت الآن وهذا يمثل زيادة سنوية بنسبة 7٪. كما أننا ننفق المزيد من الوقت على الإنترنت، حيث يقدر المتوسط الآن بقضاء ثلث اليوم على الإنترنت – وفقًا لـ جلوبال ويب إنديكس. فقط تخيل 8 من كل 24 ساعة من اليوم، أكثر من يومين في الأسبوع أو 104 أيام في السنة نقضيها على الإنترنت!
ما وجدته أكثر إثارة للاهتمام هنا هو نمط السلوك، الذي يربط بشكل مباشر الوقت المستغرق في الإنترنت مع كيفية استخدام الأفراد للإنترنت. أظهر استطلاع أجراه موقع mideastmedia.org في عام 2017 أن مواطني دول مجلس التعاون الخليجي الذين استخدموا الإنترنت لأكثر من عامين، قد أمضوا 21 دقيقة على الأقل في الأسبوع عبر الإنترنت، وبالنسبة لمن استخدموها لأكثر من 10 سنوات، كان الحد الأدنى هو 29 ساعة في الأسبوع عبر الإنترنت!
ما الذي يبقينا على اتصال بالإنترنت؟ فعلى مستوى المستهلك، هناك أسباب متعددة، كالرغبة في البقاء على اطلاع مع أحدث التطورات، والقيل والقال والأخبار في جميع أنحاء العالم هي واحدة من أكبر الدوافع – فنحن نحب أن نكون في أوائل الأشخاص المطلعين على جميع الأخبار. فيما تجعلنا الحاجة الشخصية والمهنية للتواصل مع الأشخاص والشركات وغيرها من الشبكات عبر مناطق جغرافية مختلفة دون توقف، بحاجة إلى استخدام الإنترنت” – في الحقيقة – لقد تغير عالمنا الآن بفضل الإنترنت وكل ما يتعلق به.
كما أن الإقبال على وسائل الإعلام الاجتماعية في ازدياد، حيث لا يرغب أكثر من 3 مليارات مستخدم (زيادة بنسبة 13٪ على أساس سنوي) في البقاء بعيداً عن العالم ويستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في كل شهر، ويستخدم 90٪ منا هذه الوسائل على هواتفنا المحمولة – نحن مجتمع يتحرك سواء كنا في أوروبا أو أمريكا أو الشرق الأوسط ولا نعيش في مكان واحد طويلاً! هذا الاعتماد المتسارع لمنصات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يتلخص في تسهيل الوصول إلى الشبكة والقدرة على تحمل تكاليف خطط البيانات وأبل وسامسونج بالطبع!
في الشرق الأوسط، يتم استخدام تطبيق الواتسآب بصورة كبيرة، حيث يستخدمه معظم الناس في المجتمعات عبر المنطقة – وهو ما يمثل ثلثي عدد السكان. سواء كان للدردشة مع صديق في دبي أو مع الأهل في بلدك الأم أو للحصول على آخر التحديثات حول حفل المدرسة أو عيد ميلاد المدرسين، فهناك أجزاء كبيرة من كل مجتمع تستخدمه.
يستخدم حوالي 75٪ من مستخدمي الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط حزم بيانات واي فاي أو المحمول للاتصال. من المهم أن نلاحظ هنا أن استخدام شبكة واي فاي يختلف عبر الأسواق المختلفة في المنطقة، اعتمادًا على البنية التحتية وإمكانية الوصول إلى شبكة الواي فاي. تحقق دولة الإمارات أعلى الدرجات مع وجود 97٪ من السكان يستخدمون شبكة واي فاي للاتصال بالإنترنت، ويتبع ذلك على التوالي 91 ٪ في لبنان، 87٪ في قطر، و81٪ في المملكة العربية السعودية. وفقاً للمصدر GLOBALWEBINDEX في الربع الثاني والثالث للعام 2017، استنادا إلى دراسة استقصائية لمستخدمي الإنترنت الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و64 سنة.
سيزداد طلب الاتصال بالإنترنت بشكل عام سنوياً مع اعتماد إنترنت الأشياء (IoT) بشكل متسارع في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى زيادة استخدام التقنية والواي فاي لمشاركة البيانات المهمة في عدد من الصناعات بما في ذلك الرعاية الصحية والنقل والتجزئة. وسيزداد مشاركة المحتوى بشكلٍ عام بشكلٍ كبير، مع زيادة التدفق الفيديوي وإدخال واحدة من المحركات الرئيسية لحركة الإنترنت في المستقبل. من المتوقع أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا أكبر نمو في حركة الإنترنت على مدار الخمس سنوات القادمة.
الحكومات الإقليمية، ومشغلو الشبكات هم في طليعة هذا المنحنى وقد بدأوا بالاستثمار بكثافة في البنى التحتية، حيث ستكون دول مجلس التعاون الخليجي من بين الدول الأولى في العالم التي تطبق شبكات الجيل الخامس. وبدأ مشغلي الخدمات مثل اتصالات وأوريدو بتجربة الجيل الخامس. ويتمثل الهدف النهائي في تعزيز الأداء وزيادة السعة، مما يوفر للمستخدمين والشركات أحدث خدمات إنترنت الأشياء وخدمات الاتصالات. في الإمارات، تم إعداد شبكات إنترنت الأشياء المتنقلة بنجاح لتوصيل المستشعرات بأمان والتأكد من نجاح مبادرات الدولة الحساسة مثل مبادرة دبي الذكية في الإمارات العربية المتحدة من خلال توفير اتصال غير متقطع وآمن وقابل للتوسع في بيئة حضرية مزدحمة.
وهناك تعاون ضخم آخر يستحق الذكر، ألا وهو انضمام صندوق الاستثمار العام السعودي إلى سوفت بنك، بالإضافة إلى مستثمرين آخرين بما في ذلك شركة أبل، كوالكوم، ومبادلة التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، وذلك من أجل إطلاق صندوق استثماري تكنولوجي عالمي بقيمة 93 مليار دولار أمريكي استجابة لأهمية المرحلة المقبلة من الثورة المعلوماتية باستخدام انترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والروبوتات وتقنيات الواقع الافتراضي. وغيرها الكثير من المبادرات المثيرة سأكتب عنها مستقبلاً.
التكنولوجيا هي المستقبل، وتحتل منطقة الشرق الأوسط مكانة بارزة في هذا المجال، حيث يتم إصدار إعلانات مثيرة على أساس منتظم، وتأمين الاستثمارات والتعاون مع العلامات التجارية الرائدة في مجال التكنولوجيا متعددة الجنسيات لبناء اقتصاد مستقبلي جاهز، وتوفير مجتمعات مترابطة ومتصلة بالإنترنت.